في خطوة لفتت أنظار العالم، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن خفض سعر الفائدة لأول مرة منذ ديسمبر 2024 بمقدار 25 نقطة أساس ليصل النطاق المستهدف بين 4.00% و4.25%، وهو قرار يحمل انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمي وعلى مصر بشكل خاص، وسط ترقب لخطوات البنوك المركزية في الأسواق الناشئة.

خفض الفائدة الأمريكية وتأثيره على الاقتصاد العالمي
قرار الفيدرالي الأمريكي يُعتبر إشارة على نهاية دورة التشديد النقدي وفتح الباب أمام سياسات أكثر مرونة. هذا الخفض يساهم في تقليل تكلفة الاقتراض بالدولار، مما يتيح للشركات والأسواق الناشئة الحصول على تمويل بأعباء أقل. كما يشجع المستثمرين على توجيه أموالهم نحو أسواق توفر عوائد أعلى خارج الولايات المتحدة. وقد سارعت بعض البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها بنوك الخليج مثل السعودية والإمارات وقطر، إلى خفض أسعار الفائدة تماشيًا مع القرار الأمريكي.
تأثير خفض الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المصري
مصر واحدة من الأسواق الناشئة التي تتأثر بشكل مباشر بسياسات الفيدرالي، نظرًا لاعتمادها على التمويل الخارجي ووجود استثمارات أجنبية بالدولار. خفض الفائدة الأمريكية قد يساهم في تخفيف الضغوط على العملة المحلية عبر تحسين تدفقات رأس المال، وتقليل تكلفة الاقتراض الخارجي على الحكومة والشركات، إلى جانب تعزيز جاذبية السوق المصري للاستثمارات الأجنبية في ظل الفارق الإيجابي في العوائد.

خطوات البنك المركزي المصري بعد قرار الفيدرالي
البنك المركزي المصري كان قد بدأ بالفعل سياسة التيسير النقدي خلال 2025، حيث خفّض أسعار الفائدة أكثر من مرة بعد تراجع التضخم إلى مستويات قريبة من 13-14%، مقارنة بذروته السابقة التي تجاوزت 38%. هذه الخفضات تزامنت مع القرار الأمريكي، وهو ما يعكس انسجامًا بين السياسة النقدية العالمية والتوجهات الداخلية. ومع ذلك، ما زال المركزي المصري يتعامل بحذر لضمان استقرار الجنيه والسيطرة على معدلات التضخم.
التحديات أمام مصر رغم خفض الفائدة الأمريكية
ورغم المزايا، إلا أن هناك تحديات قائمة، أبرزها احتمالية عودة التضخم للارتفاع حال الإفراط في خفض الفائدة، وتقلبات سعر الجنيه أمام الدولار إذا لم تتدفق الاستثمارات الأجنبية بالوتيرة المتوقعة، بجانب استمرار أعباء الديون الخارجية رغم تحسن الظروف التمويلية.
قرار خفض الفائدة الأمريكية يفتح أمام مصر فرصًا لتعزيز الاستثمارات وتخفيف الضغوط التمويلية، لكنه في الوقت نفسه يفرض على صناع القرار في البنك المركزي المصري التوازن بين دعم النمو والحفاظ على استقرار الأسعار. المرحلة المقبلة تتطلب متابعة دقيقة للأسواق العالمية، مع الاستمرار في الإصلاحات الداخلية لضمان استفادة الاقتصاد المصري من هذه التغيرات العالمية بأفضل صورة ممكنة.